ريحانة هي ..

بل أجمل من ريحانة ..

طفلة في عمر الزهور ..

تشع من وجهها البراءة ..

ما أجملها وهي ترتدي حجاب العفة ..

هي كالملاك الصغير الهادئ ..

وأي ملاك يا ترى ..

يضاهي هذا الجمال ..

التقيت بها أول مرة في بلدها ..

حيث كنت مسافرا مع أهلي ..

وكنا نسكن مع أهلها ..

مددت لها ذراعي ..

فكانت ردة فعلها تدل على أنها لا تحب الغرباء ..

لكني أصررت على أن أكسب ثقتها ..

ونجحت في ذلك مع الوقت ..

وقمت أداعبها وألاعبها ..

وضحكاتها البريئة تداعب أذني ..

ما أجمل البسمة ترتسم على محياها ..

لتضيف جمالا الى الجمال ..

أحبتني بسرعة ..

وأصبحت لا تفارقني ..

الا حينما يناديها والدها في آخر الليل كي تنام ..

ولعمري .. كم كانت تلح علي كي أنام الى جانبها ..

وبخها والدها معتقدا أنها تزعجني ..

وأصبح البعض يلومني لتضييع وقتي معها ..

فلم أبالي أنا .. ولم تبالي هي ..

كانت تبوح لي بأسرارها الخاصة ..

وتريني كل ما تملك من ألعاب وأشياء أخرى تخصها ..

وكان مما أرتني كراس الرسم ..

الذي أبهرتني به كثيرا ..

كم هي موهوبة صغيرة واعدة ..

وضعت يدي على يديها وطلبت منها أن تواصل هذه الموهبة باستمرار ..

كما قمت مداعبا أرسم لها بعضا من فني المضحك ..

فكانت تسكر من الضحك على ما أرسمه لها ..

كنت أستغرب كثيرا لعدم اكتراث أهلها بهذه الموهبة الفذة ..

عندما أحست بوجود من يقدر لها هذه الموهبة ..

أصبحت ترسم بحماس ..

وتطلب مني أن أشاهد كل رسماتها ..

وأنا بدوري أتابعها وأشجعها باستمرار ..

فترة قصيرة أمضيتها معها ..

كانت كفيلة بأن تجعلها تحبني بجنون ..

تأكدت منه في يوم الوداع ..

حيث كانت على غير عادتها صامتة طوال الوقت ..

ولأول مرة أبتسم في وجهها فلا تستجيب لي ..

ولأول مرة ألاعبها فلا تضحك ..

اعتقدت أن ذلك بسبب خمول ما بعد النوم ..

حتى حان الوداع ..

في المطار ..

ودعت أهلها ..

لكني لم أجدها بينهم ..

سألت عنها ..

فأخبروني أنها في السيارة ..

ذهبت اليها ..

فوجدتها جالسة لوحدها ..

تبكي بشدة ..

جاءت أمها تحاول تهدئتها ..

وتطلب منها أن تودعنا ..

فكانت ترفض حتى النظر الي ..

وكأنها تقول أنها لا تريد أن تشعر بألم الفراق ..

يااااااااه يا الهي ..

هل ما أراه حقيقة ..

أم قصة من الخيال ..

احترت ..

لا أدري ماذا أفعل ..

هل أذهب اليها وأمسك بيديها وأحاول تهدئتها ..

أم لا أفعل ذلك لأن ذلك سيزيدها ألما وحزنا ..

نداء أهلي لي حسم الأمر ..

فمضيت أودعها بخطوات متقطعة ..

وأنا أنظر اليها ..

لكنها لم تمنحني أية نظرة ..

يااااه كم هو شعور مؤلم ..

حين تودع شخصا أحبك ..

وداعا لا لقاء بعده ..

في الطائرة ..

سقطت دموعي ..

وقلبي منكسر حزين على فراقها الأبدي ..

حزين من أجلها ..

يا الهي ..

أحيانا يشعر المرء بالندم لتعلقه بشخص ما ..

وهو يعلم أنه سيودعه لا محالة ..

ندم على أوقات سعيدة تحولت الى ذكريات مؤلمة ..

ما أقساني ..

لماذا جعلتها تتعلق بي هكذا ؟!

أحس بأني انسان بلا رحمة ..

جرح شعور تلك الملاك الصغيرة البريئة ..

ريحانة ..

سامحيني أرجوك ..

أعدك بأنني لن أنساك ما حييت ..

لن أنسى ذلك اليوم الذي قلدتني فيه طوقا جميلا من الزهور صنعته بنفسك ..

لن أنسى ذلك اليوم الذي ارتديت فيه حذائي ..

فكانت رجليك الصغيرتين تسبحان بداخله ..

وكنت ألاحقك كي تعيدينه الي دون جدوى ..

لن أنسى ذلك اليوم الذي حرمتني فيه من لعب الكرة مع أصحابي ..

وأجبرتني على اللعب معك أنت فقط ..

ريحانة ..

أعدك بأنني لن أنساك ..

وكلما اشتقت اليك ..

سأنظر الى صورتك التي أهديتني اياها ..

وأخبرتني أنك سرقتها من والدتك خلسة ..

وتوسلت الي كي آخذها ..

دون أن أخبر أحدا ..

أما أنت فماذا ستفعلين اذا اشتقت الي ؟!

لعل ذلك خير لك ..

لانك بذلك ..

ستنسيني بسرعة ..

ربما ..