-{إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ
خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر
*سلامٌ هي حتى مطلع الفجر}.
المراد بالقدر :-
سميت ليلة القدر بذلك لعدة معان، هي:
1. لشرفها وعظيم قدرها عند الله.
2. وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: "فيها يفرق كل أمر حكيم".
3. وقيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر.
4. وقيل لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر.
5. وقيل لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً.
6. وقيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر.
والراجح أنها سميت بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها، والله أعلم.
ليلة القدر في الأحاديث النبوية :-
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم:« تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» .
عن
ام المؤمنين عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنها وارضاها أنها قالت: «يا رسول
الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال : "قولي: اللهم
إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"»
عن عبد الله بن أنبي أنه قال:
«يا رسول الله، أخبرني في أي ليلة تبتغى فيها ليلة القدر. فقال: "لولا أن
يترك الناس الصلاة إلا تلك الليلة لأخبرتك"» .
تعظيم ليلة القدر :-
يؤمن المسلمون ان الله عظم أمرَ ليلة القدر فقال {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}.
أي أن لليلة القدر شأنًا عظيمًا وبين أنها خير من الف شهر فقال :{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}.
أي أن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله تعالى خيرًا من العمل في ألف شهر.
ومن حصل له رؤية شيء من علامات ليلة القدر يقظة فقد حصل له رؤيتها،
ومن أكثر علماتها لا يظهر إلا بعد أن تمضى،
مثل: أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو حمراء، أو أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة،
ومن
اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب
العبادة تلك الليلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من قامَ ليلة
القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه" .
وقيام ليلة
القدر يحصل [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط
هنا للتسجيل] فيها إن كان عدد الركعات قليلاً أو كثيرًا، وإطالة الصلاة
بالقراءة أفضل من تكثير [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية
الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] مع تقليل القراءة،
ومن يسَّر الله له
أن يدعو بدعوة في وقت ساعة رؤيتها كان ذلك علامة الإجابة، فكم من أناس
سعدوا من حصول مطالبهم التي دعوا الله بها في هذه الليلة ثم قال الله
:{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ
أَمْرٍ} .
ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :"إذا
كانت ليلة القدر نزل جبريل في كَبْكَبَة (أي جماعة) من الملائكة يصلون
ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فينزلون من لَدن غروب الشمس إلى
طلوع [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا
للتسجيل]".
فينزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة من أرزاق العباد
وءاجالهم إلى قابل، وليس الأمر كما شاع بين كثير من الناس من أن ليلة
النصف من شعبان هي الليلة التي توزع فيها الأرزاق والتي يبين فيها ويفصل من
يموت ومن يولد في هذه المدة إلى غير ذلك من التفاصيل من حوادث البشر بل
تلك الليلة هي ليلة القدر كما قال ابن عباس ترجمان القرءان فإنه قال
في
قول [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا
للتسجيل] :{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا
مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) }.
هي
ليلة القدر، ففيها أنزل القرءان وفيها يفرق كل أمر حكيم أي كل أمر مُبْرَم
أي أنه يكون فيها تقسيم القضايا التي تحدث للعالم من موت وصحة ومرض وغنى
وفقر وغير ذلك مما يطرأ على البشر من الأحوال المختلفة من هذه الليلة إلى
مثلها من العام القابل.
ثم قال الله تعالى :{سَلامٌ هِيَ حَتَّى
مَطْلَعِ الْفَجْرِ} فليلة القدر سلام وخير على أولياء الله وأهل طاعته
المؤمنين ولا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذى، وتدوم تلك السلامة
حتى مطلع الفجر.
عن عائشة رضي الله عنها قالت :"قلت يا رسول الله إن علمت ليلة ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنّك عفوّ تحب العفوَ فاعفُ عنّي" .
وكان أكثر دعاء النبي في رمضان وغيره :"ربّنا ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار".
علامات ليلة القدر :-
هناك
بعض العلامات التي يستدل بها البعض على ليلة القدر، ويعوزها كلها الدليل
القاطع، وإنما هي اجتهادات وتخمينات لا يعتمد عليها، من تلك العلامات:
1. طلوع الشمس في صبيحتها من غير شعاع، كما استدل على ذلك أبي بن كعب رضي الله عنه.
2. وكان عبدة بن لبابة يقول: هي ليلة سبع وعشرين؛ ويستدل على ذلك بأنه قد جرب ذلك بأشياء وبالنجوم، والشرع لا يثبت بالتجارب.
وروي عنه كذلك أنه ذاق ماء البحر ليلة سبع وعشرين فإذا هو عذب.
3. أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة.
4. أن الكلاب لا تنبح فيها وكذلك الحمير لا تنهق فيها.
5. أن يرى نور.
6. الملائكة تطوف بالبيت العتيق فوق رؤوس الناس.
7.
استجاب الله دعاء البعض في ليلة سبع وعشرين، وإجابة الدعاء ليست دائماً
علامة صلاح، فالله كريم يجيب دعوة المضطر ولو كان فاسقاً أوفاجراً، وربما
تكون إجابة الدعاء في بعض الأحيان من باب الاستدراج.
في أي الليالي تلتمس ليلة القدر :-
تلتمس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، خاصة في الوتر منها، سيما ليلتي إحدى وعشرين وسبع وعشرين، وأرجحها ليلة سبع وعشرين.
فعن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا
ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها
في السبع الأواخر".[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات .
إضغط هنا للتسجيل]
- وعند مسلم: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقي".
وعن عائشة رضي الله عنها كذلك: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من
رمضان"[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا
للتسجيل].
ذهب علي، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة من
الصحابة، والشافعي وأهل المدينة ومكة من الأئمة إلى أن أرجى لياليها ليلتا
إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وقد رجح ذلك ابن القيم رحمه الله.
العمل فيها :-
أحب الأعمال لمن وفق وحظي بليلة القدر ما يأتي:
1. أداء الصلوات المكتوبة للرجال مع جماعة المسلمين، سيما الصبح والعشاء.
2. القيام، أي الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
3. الدعاء.
4. قراءة القرآن.
5. اجتناب المحرمات، دقيقها وجليلها.
ويمكن للمرء أن يجمع بين هذه كلها في الصلاة إذا أطال القيام، وسأل الله الرحمن واستعاذ به من النيران كلما مر بآية رحمة أوعذاب.
قال
سفيان الثوري رحمه الله: (الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة، قال:
وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق).
قال
ابن رجب: (ومراده ـ أي سفيان ـ أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا
يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً، وقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا
سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء
والتفكر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم؛ )
وقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها؛ وقال الشافعي في القديم: أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها).
وأخيراً احذر أخي الصائم أن ينسلخ رمضان ولم تكن من المغفور لهم،
فقد
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر
فقال: "آمين، آمين، آمين!"، قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت
"آمين، آمين، آمين"، قال: "إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم
يغفر له، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين؛ ومن أدرك أبويه
أوأحدهما فلم يبرهما، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت:
آمين؛ ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك، فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل:
آمين؛ فقلت: آمين ".
واعلم أن الأعمال بخواتيمها، فإذا فاتك الاجتهاد في أول الشهر فلا تغلب على آخره، ففيه العوض عن أوله.
اللهم اعلنا من المعتوقين من النار , والمغفور لهم , واعلنا شاهدين ليلة القدر .
وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير عباد الله
أجمعين، وعلى آله وصحبه وأزواجه الطاهرين الطيبين، وعلى من اتبعهم بإحسان
إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوه وفضله وكرمه، آمين