يا ضيوف الرحمن
قراءة شعرية في لوحة الحج الأكبر ...
اصعدوا من منىً إلى عرفاتِ ** كصعود الكواكب النيِّراتِ
كصعودالنَّدا إلى كل غصنٍ**حينما ترتوي جذورُ النّباتِ
كصعود الإحساس بالحبّ ،يسري ** في وجوه مليحة القَسَمات
كصعود الإحساس بالأمن ،يسري ** في عيون جميلة النظرات
كضياء الصباح يَنْسابُ حُسْناً ** في تقاسيم وجهه المُشْرِقاتِ
أسْمِعونا أصواتَكم وهي تشدو ** بنشيد التكبير والتّلْبِيَات
ياضيوفَ الرحمن في خير أرْضٍ ** في بقاع المشاعر الطاهرات
ياجموعاً من كلّ فَجّ عميق ** ساقها شوقُها إلى الرّحَمات
ياجموعاً تجردّتْ من مَخيط ** واستجابتْ لربّها خاشعات
بالرؤوس الحواسر اليومَ جئْتم ** تَمْزُجون الدُّعاءَ بالعبَراتِ
اصعدوا من مِنَىً صعودَ مُحِبّ ** مُدْنَفِ القلبِ ،طاهرِ النّبَضات
ياضيوفَ الرحمن ،أنتم وقفتم ** في حمى الله أعْظمَ الوقَفات
ما وقفتم ،كلاّ ، ولكنْ صعَدْتم ** وارتقيتم في أرفع الدّرَجات
خيرُ يومٍ رأتْه شمسُ نهار ** هوَ يومُ الوقوف في عرَفات
ياضيوفَ الرحمن سيروا خِفافاً ** وثِقالاً ، على هُدَىً وثَبات
وَجِّهوا الرَّكْبَ حيثُ شئْتم فأنتم ** ستُلاقونَ أجملَ الخدَمات
اصعدوا واهْبِطوا وناموا وقوموا ** وأَفيضوا واستَشْرفوا كلَ آتِ
اذبحوا الهَدْي واحلقوا الرأْسَ وارموا **في امتثال ،شَواخِصَ الجمرات
ثمّ طوفوا واسعوا وصَلُّوا وعيشوا ** راحةَ البال كلَّها في الصَّلاةِ
ادْرُجوا في ربوع مكّةَ ، صوغوا ** في رُباها مَلاَحِمَ الذّكريات
ياضيوفَ الرحمن ،طُوبَى لضيف ** نالَ من ربِّه جزيلَ الهِباتِ
ياهنيئاً لكم بساعات صَفْو ** ونفوس ،بشَوْقها مُفْعَماتِ
أنتم اليومَ في أجلِّ مقام ** تتمنّاهُ سائرُ الكائنات
أنتم اللَّوْحةُ الجميلةُ فاضتْ ** بمعاني الخشوع والإخْبات
هذه الأرضُ، في ثراها رحيقُ ** من خُطَى المصطفى كَريمِ السِّمات
كان يمشي فيها ، عليه صلاتي ** وسلامي، مُنَزَّهَ الخُطُواتِ
ياضيوفَ الرحمن، فُزْتُمْ ، فَطِيروا ** بجناح المشاعر الصّادقاتِ
هاهنا صورةٌ ومعْنَىً عَميقٌ ** تتسامى به معاني الحياةِ
عبدالرحمن العشماوي