بقلم : منال عادل دنديس
ثقل في يديها كأنهما مكبلتين، وقشعريرة سكنت الجسد حتى بات النفس يائسا بليدا ثقيلا في صدرها ،حملقت بخيبة في وجه الصغير الغائص وسط بركة من الدم، في كيس بلاستيكي شفاف، وحبل سري ملقى على صدره وبقايا ابتسامه .كانت تنظر الى محتويات تلك العلبة الكرتونيه التي ملئت زواياها الخارجيه برموز وارقام مخاصمة في ذلك اللغة العربيه واسمائها.
كثير من المرارة ،مضافا اليها اسى علقمي الطعم، وشعور بالخيبة محلى بالصبر والاحتساب، يلفه حزن شديد. خلطة مبتكرة من الالم تعكر صفو محيط .
وضعت يدها على بطنها وحدثته كما يفعل العاشقين لحظة الوداع : كم حلمت برؤية وجهك، تخيلتك تارة تشبه اباك وتارة تشبه ابي انا وتارة اخرى اتخيل سمرتك وحمرة خديك وارنبة انفك، دائما تخيلتها تشبه ارنبة انف القطط ، كم انت جميل تماما كما تخيلتك فارسا. اتذكر ياصغيري اسرارنا معا عندما كنت اضع يدي على بطني واحدثك، اتذكر احلامنا ووعودنا، وعدتني انك ستكون ولدا صالحا، وانك ستكون فخرا لي ولفلسطين والاسلام، وسنزور عكا والمجدل وصفد، وستفدينا بروحك انا وامك فلسطين، برهنت لي كم انت صادق .ولكني يامهجة القلب بت اعرف ايضا انك لن تأتي في ذلك الصباح الصيفي لتقبل يدي وتزف لي بشرى نجاحك ولن نستمع سوية لاغاني النجاح، ياحسرتي ياملاكي الجميل لن ارتدي ثوبي المخملي المزركش وانا ازغرد ليلة زفافك الى اجمل بنات البلد، ولن احمل اطفالك، ولن نحج سويه .
ابني الحبيب لا احد يستطيع وصف شعور الام لحظة حركة جنينها البكر في احشائها . اعذرني ياصغيري تحدثنا في كل التفاصيل حدثتك عن قريتنا السليبه، وعن بيتنا الذي بناه ابوك بعرق جبينه ،ولكني اجلت الحديث عن لحظة الولادة، كان امامنا شهرين لاخبرك عنها ، ولكني لم أعتقد يوما انك لن تولد ، اردتك فارسا بطلا ولكنك ياحبيبي تسرعت، يبدو اني حملتك الهم باكرا لذا تسرعت وخرجت مبكرا، اتذكر دميتي التي اخبرتك عنها ،تلك التي كنت لها اما منذ طفولتي سأعود اليها فرصاصتهم التي قتلتك قتلت معك أمل اخوتك في ان يكونوا اجنة في رحمي.
يبدو ايها الجميل الصغير ان حبلك السري متصل بالمخابرات وان اسرارنا معا كانت خطرا يهدد امن اسرائيل
وداعا ولكن ياصغيري ،غط نفسك جيدا هناك في الجنة .