المرأة الصالحة
«الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» (رواه مسلم)
لا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون لهم الخيار في قبول أو رفض أحكام وأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه، فلقد وصف الله سبحانه وتعالى من يفعل ذلك بالعصيان والضلال المبين ومصيره جهنم والعياذ بالله، يقول الله سبحانه وتعالى «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا»(الأحزاب:36). ومن هذه الأحكام أوامر تتعلق بعلاقة الزوج بالزوجة وضعها الله سبحانه وتعالى كي تستقيم الحياة بينهما وتتحقق الطمأنينة. وإن خالفوا هذه الأوامر واختاروا أحكاما من صنع البشر فقد ضلوا ضلالا بعيدا، وإن هم التزموا بها تحققت لهم السعادة ووُصفوا بأطيب وأرقى وصف وصفهم إياه الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ألا وهو الزوج الصالح والزوجة الصالحة.
ومنذ أن بدأ الزوجيين بتقليد الغرب ومحاكاته في العلاقة بينهما ومنذ أن بدأ الزوج يطالب زوجته بمحاكة المرأة الغربية، ومنذ أن بدأت الزوجة بالمطالبة بالحرية والنظر للزوج على أنه شريك لا رب أسرة وقوام عليها، بدأ الخلل يتسرب الى هذه العلاقة المقدسة وبدأ الخلاف والشجار يدب بينهما وتحولت السعادة الى شقاء والطمأنينة التي ارادها الله من هذه العلاقة الى اضطراب وقلق، مما أدى الى ارتفاع نسبة الطلاق بين الأ ُسر المسلمة بعد أن كانت مثلا يحتذى به .
لقد نجح الغرب في إدخال هذه الأفكار المسمومة الى عقول المسلمين كجزء من الغزو الفكري والتبشيري للعالم الإسلامي، فهو يصور المرأة المسلمة على أنّها مظلومة ومضطهدة ومقيدة بلباسها المفروض عليها، وأنّ حقوقها كلها مسلوبة، وأنّ عليها التحرر من هذه القيود والخروج من المطبخ الذي حبسها فيه المجتمع. وكي يتم لها ذلك فعليها أن تتطلع الي القِيم الغربية التي تنادي بتحرر المرأه ومُساواتها بالرجل. وعليها أن تحاكي نموذج المرأة الغربية.
فهم يريدون من المرأة المسلمة أن تخلع ثوب الحياء وتخرج سافرة عارية وأن يكون لها العشيق والصديق. وأنّ عليها الخروج للحياة العامة التي حبسها عنها حجابها والعمل في أي مكان تُحب وفي أي وقت تشاء، فهي بذلك تبني نفسها وكيانها وتستقل بشخصيتها. وهم يريدون منها الذوبان في المجتمع وأن تصبح كغيرها من النساء السافرات بحيث إذا نظرت اليها لا تعرف هويتها ولا تميزها عن غيرها. ولقد اتبع الغرب أساليب متعددة للوصول الى غايته نذكر منها ما يلي:
1) انتقاد لباس المرأة في الحياة العامة من قبل الناس. لقد عانت المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب من هذه الظاهرة والتي انقاد لها كثير من المسلمات، فعند ذهابها الى السوق والمدرسة والجامعة فانها تسمع اذىً كبيراً بأنها تعيش في قيود العصور الوسطى والجهل والتسلط وأن هذا اللباس ما هو إلا رمز التخلف والعبودية، والمحزن المبكي هو انسياق المرأة المسلمة إلى ذلك، فبدل أن تتمسك بهويتها وارضاء ربها خلعت لباسها الطاهر للهروب من هذا الضغط.
2) الأفكار الهدامة التي تُعرَضُ في المسلسلات والافلام التي لا نهاية لها، والتي أدت الى إيجاد الخلافات بين الأزواج. فكم من حالات الطلاق حصلت بين الأزواج لأن الزوج لا يشبه «مهند» وأن الزوجة لا تشبه «نور» في المسلسل التركي الخبيث. علاوة على أن هذه المسلسلات تصور علاقة الحب والغرام والخلوة والإختلاط والزنا عن طريق الحب والتراضي أمور طبيعية مقبولة ومباركة من قبل الوالدين. وتُظهِر الزواج الشرعي على انه زواج تقليدي غير مستند الى الحب وان نهايته الخلاف والطلاق، والزواج الناجح هو الزواج المبني على «الحب» والمعرفة المسبقة او كما يقولون (dating).
إنّ النموذج الذي يقدمه الغرب للمرأه ما هو إلا لجعلها سلعة تباع وتشترى وأن تكون مجرد أداة لتسويق بضائعه ومنتجاته. فلا تجد دعاية لا في إعلام ولا على يافطة إلا وعليها صورة إمرأه شبه عارية تقدم دعاية لمنتج ما بشكل إباحي وسافر تقشعر له الأبدان. حتى المساواه التي ينادون بها لم يحققوها بين النساء أنفسهن فكيف يحققوها بين المرأة والرجل؟ !!! فالمرأة التى حباها الله الجمال والقوام لها الفرصة الأقوى في الحصول على العمل والدخل، فمكاتب المحاميين والأطباء والمطاعم ورجال الأعمال لا بد وان تديرها إمرأة حسناء جميلة تجلب لهم الزبائن وأما المرأة التي لا تتمتع بالجمال فإن حظها في الحياة الغربية قليل.
إنّ النموذج الغربي المنادي للتحرر من أكثر النماذج ظلما وقهرا واجراما في حق المرأة، ففي أمريكيا مثلاً واحدةٌ من خمس نساء يعانين من الضغط النفسي. وواحدة من كل اربع مراهقات تحمل أمراضا جنسية، وواحدة من ست نساء يتم اغتصابها أي بواقع حالة إغتصاب كل دقيقتين. وفي كل يوم يُ*قتل اربع نساء جراء العنف الداخلي. فهل ترضى المرأة المسلمة ان تتبع مثل هذا النموذج الإباحي و المخزي و المذل؟!!!
إن خطاب الله سبحانه وتعالى موجه الى البشر كافة دون تمييز بين جنس وآخر، ولقد جعل ميزان التفاضل هو التقوى اذ قال تعالى «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
أَتْقَاكُمْ»(الحجرات:13). فالمرأة لا تَقِلُّ عن الرجل شيأً فقد أعطاها الشرع الحق للخروج في الحياة العامة بلباسها الطاهر، وأعطاها الحق بان تعمل وتمتلك ولها الحق في إختيار زوجها وقد فرض على الرجل نفقتها حتى ولو كانت ثرية ولها الحق في ممارسة الحياة السياسية كغيرها.
إنّ الإسلام ينظر الى المرأة أنها عِرض يجب أن يُصان ويُحفظ وقد كَرَّم الله الرجل بالشهادة إن قُتِل دون أهله. إن الإسلام قد أعطى المرأة دوراً من أهم الادوار في الحياة، ذلك الدور الذي يعجز الرجال عن القيام به ألا وهو أم وربة بيت.
إنّ النموذج الذي يقدمه الإسلام هو نموذج النساء الصالحات المتمثل في عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها و خديجة بنت خويلد وفاطمة الزهراء وام سلمة ونفيسة بنت الحسن أم الإمام الشافعي وسمية وغيرهن، لا نموذج المرأة الغربية السافرة العارية.
إنّ النموذج الذي يقدمة الإسلام هو نموذج المرأه المطيعة لله ولزوجها، قال تعالى:«الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ» (النساء:34) وأخرج ابن ماجة عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله» . ومن ماتت وزوجها راضٍ عنها فإنه يرجى لها الجنة لما رواه الترمذي وحسنه من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت قال صلى الله عليه و سلم «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة».
إنّ نموذج المرأة في الإسلام هي من تُعين زوجها على أمر الآخرة. أخرج ابن ماجة عن ثوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا فأي المال نتخذ قال عمر فأنا أعلم لكم ذلك، فأوضع على بعيره فأدرك النبي صلى الله عليه و سلم وأنا في أثره فقال يا رسول الله أي المال نتخذ؟ فقال: «ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر آخرته» . وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبزى قال: «مَثلُ المرأة الصالحة عند الرجل كمَثلِ التاج المتخوص بالذهب على رأس الملك ومَثلُ المرأة السوء عند الرجل الصالح مثل الحمل الثقيل على الشيخ الكبير».
إنّ نموذج المرأة الصالحة هي التي ترعى بيتها وتحفظ نفسها ومال زوجها، كنموذج أسماء فقد روى مسلم عن أسماء أنها قَالَتْ: «تَزَوّجَنِي الزّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَيْءٍ، غَيْرَ فَرَسِهِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ. وَأَكْفِيهِ مَؤُنَتَهُ، وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقّ النّوَىَ لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِتي الْمَاءَ. وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ. وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ. وَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ. وَكُنّ نِسْوَةَ صِدْقٍ. قَالَتْ: وَكُنْتُ أَنْقُلُ النّوَىَ، مِنْ أَرْضِ الزّبَيْرِ الّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و سلم ، عَلَىَ رَأْسِي. وَهِيَ عَلَىَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ».
نعم ايتها الأخت والأم الكريمة هذا هو نموذج الله سبحانه وتعالى خالقك وبارئك الذي ارادك ان تكونين طاهرة عفيفة كالبلورة النقية، لا نموذج الغرب الذي يريدك سافرةً عاريةً سلعةً تُباع وتُشترى. فسارعي للإلتزام بنموذج الله سبحانه وتعالى حتى تملأ الطمأنينة و السعادة قلبك وبيتك وتنالين رضوان الله وجنته وتكونين كما اراد الله لكِ أم وربة بيت تُخَرِّجُ أجيالاً يكون على عاتقهم نهض أمتهم.
منقول من الرقية الشرعية