GoOD oF WaR عضو نشيط
آنآ ممن : جـنـسـي : مـشـاركـاتـي : 397 مزآجي ككيف ؟ : مـشـروبـي الـفـضـل : احترام قوانين المنتدى :
| موضوع: محمد اقبال,شاعر الإسلام وفيلسوف الإنسانية. عظمته تكمن في أصالته 2012-12-08, 21:38 | |
| شاعر الإسلام وفيلسوف الإنسانية. عظمته تكمن في أصالته. وأصالته وفاؤه لعقيدته الإسلامية وب¬يانه لحقيقة الإنسان العالية ولد إقبال في سيلكوت في البنجاب في 9 تشرين الثاني عام 1877 من أسرة برهمية كشميرية الأصل، اهتدى أحد أسلافه فيها إلى الإسلام قبل حكم الملك المغولي الشهير أكبر بعد أن تأثر بتعليم شاه همداني أحد أئمة المسلمين إذ ذاك. ثم نزح جد إقبال الشيخ محمد رفيق من كشمير ومعه أخوته الثلاثة ومنهم الشيخ محمد رمضان الذي عرف بالتصوف والذي ألف كتباً متعددة بالفارسية. وحط المهاجرون رحالهم في سيلكوت وشرع الجد يعمل ويضرب في مناكب العيش يساعده ابنه الأكبر محمد نور أبو إقبال. بدأ الفتى الناشئ إقبال يدرس في أحد مكاتب المدينة ثم في مدرسة البعثة الإسكتلندية حيث كان مولانا مير حسن أحد أصدقاء والده. وقد كفله هذا العالم وأشرف على تعليمه لما تلامح عليه من ذكاء وألمعية وعلّمه الفارسية والعربية إلى جانب لغته الأردية. وأتم إقبال دراسته الثانوية وحصل على شهادة الكلية الإسكتلندية بدرجة ممتازة ثم دخل كلية الحكومة في لاهور حيث أتم دراسته. وفيها اتصل بالمستشرق الإنكليزي توماس أرنولد الذي آنس فيه مخايل العبقرية. ومنها حصل على درجتها النهائية. ثم التحق بهذه الكلية محاضراً فيها. ولم يكتف الفتى الناشئ بما حصله من المعرفة، بل أراد الاستزادة، فرحل إلى أوربة عام 1905 ودخل جامعة كمبردج في إنكلترة ثم مونيخ في ألمانيا حيث حصل على درجة الدكتوراة برسالته القيمة "ازدهار الميتافيزياء في فارس" نقول اليوم في إيران. ثم رجع إلى إنكلترة وحصل على درجة في القانون عام 1908 ثم عاد إلى أهل ووطنه. وفي غضون ذلك كله كان حب الأدب والشعر والفلسفة يملأ صدره ويشغف قلبه ويشغل بيانه. بقي وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهندي والمجتمعات الإسلامية والعربية فكان عضواً في المجلس التشريعي في البنجاب ثلاث سنين وذهب إلى لندن يشارك في مؤتمر المائدة المستديرة، وغدا رئيساً لحزب العصبة الإسلامية لجميع الهند، كما بدا العضو البارز في مؤتمر الله آباد التاريخي حيث نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوكيين وارتأى تأسيس دولة باكستان بل هو الذي اقترح الاسم لهذه الدولة الشقيقة. توفي إقبال في 21 نيسان عام 1938 بعد أن ملأ آفاق الشرق والغرب بكتاباته المناضلة وأشعاره البليغة وفلسفته العالية. كان جو أسرة إقبال معموراً بالصلاح والإيمان وبالتفتح الفكري الديني وبحب المعالي. كان أبوه يقول حين يراه يقرأ القرآن: "يا بني اقرأ القرآن كأنه نزل عليك". وفي ذلك يقول إقبال: "منذ ذلك اليوم بدأت أتفهَّم القرآن وأقبل عليه. فكان من أنواره ما اقتبست ومن بحره ما نظمت". كما كان ذلك الجو تعطره أنسام التصوف السليم. فطالع إلى جانب الكتب الدينيّة والثقافة الشرعية وقرأ شعراء الفرس الكبار وتأثر أكثر ما تأثر بشعر مولانا جلال الدين الرومي. وهكذا نجد في كتابات إقبال وأشعاره علماً عميقاً بأساليب القرآن الكريم وألفاظ الفقه ومصطلحات الصوفية ورموزهم ومعانيهم كما كان ملماً حق الإلمام بفيض العلوم والفلسفة الحديث في الغرب. إن إدراك إقبال لحقائق الإسلام جعله ينذر نفسه لبيان هذه الحقائق ولزيادة إيضاحها نثراً وشعراً وجعله كذلك يناضل الغربيين في حضارتهم المادية الجزئية ويعلن زيفها إذ تؤدي إلى الاستغلال، استغلال الطبقات بعضها لبعض وتفضي إلى الاستعمار وقهر الشعوب. ولو عاش إلى عصرنا هذا لوجد تطور تلك الحضارة إلى أسوأ في تزييف الشعارات فهي تسمي الدفاع عن الأوطان إرهاباً والمذابح الجماعية سلاماً كما أنها تبيح سرقة أراضي الشعوب وتعمل على تشريد الآمنين وتجهد في تكديس الأسلحة الفتاكة المدمرة على الأرض وتحاول شحنها إلى الفضاء.
ثم إن إدراك إقبال لحقائق الإسلام جعله ينوه بمزايا الشعب العربي ويتغنى بأصالة هذا الشعب الذي تشرّف بحمل الرسالة إلى سائر شعوب العالم وأعلن بدينه الجديد فضائل العقل والرفق في التصرف كما أعلن الإخاء بين الشعوب وحرّم التفريق بين عرق وعرق ولون ولون وألقى المسؤولية الكاملة كما ذكرنا على الإنسان
وكم آلم إقبالاً تفرق العرب فهو يندد بهذا التفرق ويناشدهم ضم الشمل ويتلهف على تحركهم الجماعي القوي لصد الغزاة: كل شعب قام يبغي نهضة / وأرى بنيانكم منقسما في قديم الدهر كنتم أمة / لهف نفسي كيف صرتم أمما وهو يذكرهم بماضيهم المجيد ومكانتهم الرفيعة وتقديمهم السالف ورقيهم الغابر ويدعوهم مرة جديدة إلى الانتفاض يداً واحدة
أصالة إقبال الإسلامية جعلته مشغوفاً بالعرب. إن روحه من روحهم، وصوته من معدنهم. منذا الذي يتكلم على إقبال دون أن يتغنى بهذين البيتين من قصيدة له رائعة: أنا أعجحمي الدنّ لكنْ خمرتي / صنع الحجاز وكرمها الفينان إن كان لي نغم الهنود ولحنهم / لكن هذا الصوت من عدنان
وينطلق إقبال من فهمه لحقائق الدين الإسلامي، دين الفطرة، إلى بيان كنه الإنسان وسر ذاته وجدارة مكانته في الوجود. ذات الإنسان مركز قوة حرة تنزع إلى الحركة. الحركة هي الحياة، والسكون هو الموت. انظر إلى البزرة تدفن في التراب. فهي لا تمكث فيه بل تنتفض بما فيها من حياة كامنة، ومن قوة خفية على الرغم من مرقدها البارد: لقد دفنوا في التراب البذور / فلم تَغْنَ* في لحدها الهامد ولم تنطفئ نارها في الحياة / على طول مرقدها البارد
ولسنا نجد شاعراً ولا فيلسوفاً مثله نوّه بالعمل والنضال ولا مثله شحذ ذات الإنسان ونظر إليها مجلوّة فاعتبرها مبدأً لتحقيق الغايات العليا والمآرب السامية حتى إذا تضامنت الذوات وتعاونت وانضم بعضها إلى بعض تحركت الجماهير على مستعبديها وتحررت من كل نيرومشت تبني إنسانيتها الحقيقية | |
|