يُعتبر صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود، ومن دون أيّ منازع، أشهر رجلٍ عربي في العالم وأكثرهم نفوذاً وثراءً. وقد بنى سليل الأسرة السعودية الحاكمة، بمجهود شخصي ما كفّ يبذله على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، إمبراطورية تبلغ قيمة استثماراتها المنتشرة في مختلف أصقاع الأرض مليارات الدولارات. ولم يتوانَ، إلى جانب ذلك كلّه، عن تقديم هبات ومساعدات بلغت قيمتها 3 مليارات دولار، ليصبح بذلك أحد أكثر أصحاب الأيادي البيضاء عطاءً حول العالم. في مقابلة نادرة أجريناها معه في مخيمه الصحراوي الذي يبعد 80 كلم عن العاصمة الرياض، كشف لنا الأمير عن التحدّيات التي تواجهه اليوم وعن تطلّعاته المستقبلية، وعن اعتماده أسلوب المواجهة المباشرة والحازمة في الردّ على منتقديه ومهاجميه.
كانت الساعة تقارب الرابعة صباحاً وقد انتهت المقابلة مع الأمير الوليد أخيراً... أو أنّ هذا ما ظننته.
كنّا بدأنا المقابلة على مائدة العشاء الذي دعانا الأمير إليه في "مخيمه الصحراوي" الرائع، وقد امتدّت لتشمل جولة ركوب الدراجة لمسافة 20 كلم في ليل الصحراء المدلهمّ على بعد 80 كلم من الرياض. ساعات ستّ تجاذبنا خلالها أطراف الحديث وتطرّقنا إلى كمّ هائل من المواضيع المتنوّعة حتّى خيّل إلى أنّه لم يبق ما قد نتكلّم عنه.
وقد توصلت بعد إجرائي المقابلة إلى استنتاجات سأتلوها عليكم قبل الخوض في التفاصيل: بإمكاننا أن نعتبر الكلمات التالية: "لن أبلغ القمة يوماً، فمن يبلغ القمة يبدأ تلقائياً بالانحدار والتراجع فهذا غير مقبول لدي" شعار الأمير في مسيرته الطويلة من حالة الإفلاس المزدوج قبل تحقيق الثروة الطائلة والنجاح الباهر في المرة الثالثة في مجال الأعمال.
وعن التزامه وتفانيه في مجال الأعمال الخيرية يقول سموّه: "أرغب في أن تتذكّرني الأجيال القادمة على أنني شخص أحدث فرقاً في هذا العالم". أمّا في ما يتعلّق بعمق جراح حادثة الحادي عشر من أيلول/سبتمبر فيعتبر الأمير أنّ "الأضرار كانت فادحة.. الجراح عميقة للغاية وسيتطلّب اندمالها مدة طويلة". وبالنسبة إلى بناء مسجد في الموقع الذي كان يقوم عليه برجا مركز التجارة العالمي، والذي يسمّى اليوم موقع Ground Zero، فرأي الوليد واضح: "دعني أوضح لك هذه المسألة - نحن لم نموّل هذا المشروع وأنا أعارض بناء مسجد في ذلك الموقع بالذات". كما أكّد صاحب السمو عزمه على مواجهة كل من لم يوافقه الرأي: "كلّما ازدادت ضراوتهم، ازددتُ صلابة. أنا أعشق التحدّي".
لم يعد لدينا ما نتحدّث عنه... أليس كذلك؟ وما إن شرعتُ في توضيب أوراقي في الحقيبة، انتقل الأمير للاجتماع بزعماء القبائل الذين طال انتظارهم، وذلك على مسافة أمتار قليلة منّي. إلا أنّه عاد فاستادر فجأة نحوي.
وإذا به يقول: "ثمّة شيء آخر يجب أن تعرفه".
أخذ يتكلّم، وسرعان ما تحوّلت نبرته التي كانت معتدلة في البداية الى ما يشبه قصف الرعد: "أكره انعدام الكفاءة، أنا ببساطة لا أتحمّل ذلك. على المرء أن يكون كفوءاً حتى يطمح في العمل في شركاتي ومؤسساتي! على منزلي أن يتمتّع بالكفاءة، على الشيف chef أن يتمتّع بالكفاءة أيضاً. على الجميع، وأكرّر وأصرّ، الجميع، أن يتمتّعوا بالكفاءة والفعالية!! أمّا الذي يتولّون مناصب رئيسية وحسّاسة فعليهم أن يتمتّعوا بكفاءة فائقة. وإلا لن يتمكّنوا من العمل معي. فأساس العمل الإنتاجية وحجم الأعمال المنجزة، وشركة المملكة معروفة محلياً وإقليمياً وعالمياً بإنتاجيتها العالية جداً".
لطالما كان الوليد واضحاً في إصراره على مسألة الكفاءة والفعالية، وقد أتى ذلك بالثمار المرجوة على مدى السنوات الثلاثين المنصرمة. فشركة المملكة القابضة - التي يملك 95 % من أسهمها - لديها اليوم 39 استثماراً في سبعة قطاعات.
تجدر الإشارة الى أنّ "المملكة القابضة" هي أكبر مستثمر أجنبي في الولايات المتّحدة، وهي تملك حصصاً في شركات مثل "نيوز كوربوريشن" News Corporation و"تايم وارنر" Time Warner، و"آبل" Apple و"سيتي" Citi. أمّا على صعيد الشرق الأوسط، فتملك الشركة حصصاً في عدد من الشركات الكبرى كمجموعة "ناس NAS" و "المجموعة السعودية للنشر والأبحاث SRMG" وشركة التصنيع TASNEE وغيرها. وبعوائد الأرباح التي وصلت إلى 370.7 مليون ريال بنسبة ارتفاع 50 % خلال التسعة أشهر من العام الحالي 2010م، فإن المستثمرين أكثر من راضيين.
ولا تقلّ إنجازات الأمير الخيرية والإنسانية شأناً عن الأرقام والأرباح الكبيرة التي تحققها امبراطوريّته التجارية. في هذا الإطار، ساهم الأمير منذ العام 1985م وحتى يومنا هذا بمبالغ يناهز مجموعها 3 مليارات دولار للأعمال الإنسانية، وهو رقم يزداد يوماً بعد يوم. والجدير بالذكر أنّ مؤسسة الوليد بن طلال انفصلت عن شركة المملكة القابضة قبل ثلاث سنوات، وهي الآن مؤسسة قائمة بذاتها ولديها مجموعة موظّفين ونهج وأهداف خاصة بها. وتشمل أعمالها حقولاً أربعة: تخفيف حدّة الفقر، الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية، تمكين المرأة وتوطيد العلاقات بين الشرق والغرب.
تتنوّع المساعدات المقدّمة من هبات مالية لضحايا التسونامي ومؤخراً الفيضانات التي اجتاحت الباكستان، إلى بناء آلاف المساكن للمحتاجين في المملكة العربية السعودية وبناء المراكز الإسلامية في الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة، ودعم قسم فنون إسلامية في متحف اللوفر في باريس. وتعتبر مؤسسة الوليد بن طلال اليوم واحدة من أكثر المؤسسات الخيرية عطاءً في العالم.
وبالعودة إلى المقابلة، نشير إلى أنّ مواضيع النقاش مع سموّه لا تعدّ ولا تحصى، وقد تمّ اللقاء الأوّل في منتجع المملكة الذي يملكه والواقع في ضواحي العاصمة الرياض، حيث لبّينا دعوته إلى العشاء. في هذه المناسبة، رافقت الأميرة أميره الطويل زوجها الأمير الوليد الذي التقى على هامش العشاء عدداً من السعوديين ذوي الإعاقات الشديدة الذين يقصدونه دائماً لطلب المساعدة - يقابل الأمير والأميرة كلّاً منهم شخصياً ويقيّم حاجاتهم فيقرّر على أساسها حجم المساعدة، ومع اانتهائنا من تناول العشاء سيكون كثيرون منهم قد حصلوا على المساعدة المالية التي هم بأمسّ الحاجة إليها.
والجدير بالذكر والملاحظة أنّ الأمير يحرص على التأكيد على أنّ لتعاطفه حدود. "فأنا أعتبر أنه يجب إدارة المؤسسات الخيرية بمنطق إدارة الأعمال. الأشخاص الذين تراهم هنا يخضعون أولاً للمعاينة ويجب توثيق كلّ شيء. هل أنت فقير، نعم أم لا؟ فإذا كان بحاجة إلى المال وإن كنت ذات احتياج خاص - كما ترى هنا، ثمة أشخاص مبتوري الأيادي والأرجل، هؤلاء نعم، علينا أن ندعمهم وأنا أحرص على أن تقدم مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية كلّ المساعدة التي يحتاجونها".
في أثناء لقائنا الأول، انشغل الأمير مطوّلاً بمسألة المساعدات الإنسانية، فاقترح أن نلتقي الليلة التالية في مخيّمه في الصحراء الذي يبعد مسافة 45 دقيقة بالسيارة عن الرياض، وحيث سيكون "أكثر هدوء".
بعد انقضاء الساعات الأربعة والعشرين، التقينا كما كان مقرّراً وشرح لي سموّه أننا سنذهب في جولة على الدراجات الهوائية أولاً، "أنا دائماً أقوم بجولة على الدراجة لأنها تساعدني على أن أصفّي ذهني من الضغط المكثف للعمل خلال الأسبوع".
وللتوّ كانت الدراجتان حاضرتان وسرعان ما انطلقنا في جولة مدّتها ساعة من الزمن، توغّلنا فيها إلى أعماق الصحراء. ليس من السهل أبداً مجارات الأمير من حيث السرعة واللياقة البدنية، فهو، وكما أخبرني لاحقاً، "يقوم بذلك يومياً منذ ثلاثين عاماً وحتى اليوم". وعلى الرغم من ذلك، فإنّ قدرته على إرسال وتلقّي 9 رسائل إلكترونية في أثناء الجولة على الدرّاجة لأمر مذهل.
إلا أنّنا لم نستأنف المقابلة فور عودتنا من الجولة - فبعد العشاء كان ثمّة مسألة بسيطة تتمثّل في مقابلة الأمير شخصياً لحوالى 1000 شخص، ولكلّ من هؤلاء قصّته الخاصة التي تتخلّلها صعوبات جمّة. وقد سبق أن تمّ التقصّي عن كلّ هؤلاء وسيغادرون جميعاً مع المساعدة التي قدموا من أجلها.
مع اقتراب الساعة من منتصف الليل، علمت أن صاحب السمو الملكي على استعداد لمقابلتي. لم يضيع الوقت في الوصول إلى لب الموضوع: أعماله الخيرية لم تخل من الجدل والنقاش، وآخرها الأقوال التي راجت حول مساعدته في تمويل خطط لبناء مسجد بالقرب من موقع انهيار البرجين في نيويورك.
هل هذا صحيح؟ يرد على الفور: "اسمحوا لي أن أتحدث عن ذلك، وأوضح الأمور معك لأول مرة، لقد سمعت ورأيت الكثير من الأخبار التي تربطني بهذه القضية، وهذا كله غير صحيح. نحن لم نمول هذا المشروع. أنا أقول أنني ضد بناء المسجد في هذا المكان بالذات، وسأقول لك لماذا. لسببين: أولاً وقبل كل شيء، يتوجب على الداعمين لمشروع بناء المسجد أن يظهروا الاحترام لسكان مدينة نيويورك، وليس محاولة إعادة الجرح وذلك بوضع مسجد بجوار موقع أحداث 11 سبتمبر. فبما أن الجرح ما يزال يتعافى لا يمكن القول: دعونا نعود إلى حيث كنا قبل الأحداث. لذلك أنا ضد بناء المسجد هناك احتراماً لهؤلاء الناس الذين تضرروا هناك."
ويتابع: "والأهم من ذلك أن المسجد ليس في أفضل موقع للبناء، فالمسجد يجب أن يكون في مكان محترم ولا يمكن أن يتم بناؤه إلى جانب حانة أو ناد للتعري، أو في حي ذو سمعة سيئة. لذا فإنني شخصياً ضد بناء المسجد في ذلك المكان. أنا أومن بأن المسيحيين لديهم الحق في بناء الكنائس في المكان الذي يريدونه ولليهود الحق في بناء المعابد حيث يريدون وكذلك المسلمون لهم الحق في بناء المساجد في المكان الذي يريدونه. ولكن يتوجب مراعاة واحترام سكان نيويورك الذين تضرروا بشدة، فمدة 10 سنوات فترة قصيرة عندما يتم التحدث عن التاريخ".
ويهدف سموه لبناء علاقات أفضل بين الشرق والغرب، ليس فقط من خلال تحسين طرق الحوار، ولكن أيضاً بعدد لا يحصى من المبادرات التي كان قد أشرف عليها شخصياً. لكنه هو أول من يعترف بأن الأمور لم تتحسن كثيراً منذ أحداث 11 أيلول، ويقارن بين أحداث اليوم لما جرى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية "بعد انهيار ألمانيا النازية لم تعد الأمور إلى طبيعتها بين القوى المتحاربه فوراً بل أخذت الكثير من الوقت لتعود الأمور الى وضعها الطبيعي".
إذاً هل سيلزم 30 سنة لتضميد جراح 11 أيلول؟ يجيب " لربما نعم فإن الجراح عميقة جداً. ما أحاول قوله أنه مضى عقد من الزمان الآن، وأرى أن الأمور تسير في طريق صعب . لم تتحسن الأوضاع بشكل كبير لكنها لم تزداد سوءاً. ويمكن ملاحظة الناس السلبيين الذين لا يريدون أن يتحسن مجرى الأمور".
كما يقول مضيفاً: "أنا لا أريد أن أبالغ وأقول أن الأمور تتهاوى، فهي ليست كذلك. إن معظم الحكومات براغماتية، ومعظم الناس منطقيين. هناك جيوب تطرف في إسرائيل وفي الولايات المتحدة وحتى في العالم الإسلامي. ولكن علينا أن نحاربهم بالعقل والمنطق فلا نستطيع أن نكتفي بالقول لهم: اذهبوا إلى الجحيم. لا يمكننا أن نفعل ذلك".
وهو فعلاً لا يفعل ذلك. فقد ساهم بعدد من التبرعات السخية للمساعدة في إنشاء المراكز الإسلامية في العديد من الولايات الأمريكية وبريطانيا. وقد تبرع بمبلغ 20 مليون دولار لجامعة هارفارد، في واحدة من أكبر 25 تبرعاً تلقتها الجامعة. وهناك الآن 7 مراكز تعمل على تعزيز حوار أفضل بين الأديان، وهو يفكر في بناء مراكز خاصة تضم المسيحيين واليهود والمسلمين جميعاً تحت سقف واحد في أوروبا.
ويشدد الأمير على أن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما يقوم بعمل جيد فيما يتعلق بالعلاقات الإسلامية، وحتى جورج بوش "اتخذ موقفا إيجابياً بعد أحداث سبتمبر 11".
لكن الامير الوليد بن طلال يعرف أن هؤلاء الذين يعارضون آرائه التقدمية سيواصلون محاولة رفع صوتهم وعرقلة كل تحركاته. لكن هل هو قلق حيال ذلك؟
"اسمحوا لي بأن أجيب على هذا السؤال بما قاله ونستون تشرشل: "إذا لم يكن لديك أي أعداء في الحياة فإنك لم تقف أبداً في سبيل أي شيء". وفي هذه الحالة أنا فخور بأن يكون لدي أعداء، لأنني سوف أدافع عما أؤمن به بشراسه. لذا لدي العديد من الأعداء الذين يحاربونني بشأن مسألة الارتباط في بناء هذا المسجد في ذلك المكان بالذات".
ويضيف: "إن أولئك الذين يجهلون قضيتي ليسوا سعداء حول حقيقة أنني أسعى إلى بناء جسور بين الشرق والغرب، وليسوا سعداء بحقيقة أنني ساهمت ببناء مراكز إسلامية في جورج تاون وهارفارد وكامبريدج وأدنبرة، وأنني أسعى إلى خلق حوار بين المسيحية والإسلام واليهودية. بعض الناس لا يحبون هذا، وذاك هو السبب في محاربتهم لي. بالنسبة لي كلما حاربوني، كلما أصبحت أكثر قوة. أنا لا امانع ذلك".
وبشكل مماثل كانت معركة الأمير صعبة في محاولاته لإعطاء المرأة دوراً أكبر سواء في الحياة أو العمل. فليس ذلك أمراً سهلاً في بلد ما يزال لا يسمح للنساء بقيادة السيارات، لكنه بادر بتوظيف أول امرأة كقائدة طيران لطائرته الخاصة، وقام بدفعة كبيرة لتوظيف نساء في مناصب رئيسية في شركة المملكة القابضة ومؤسسته الخيرية بل وحتى في قصوره الخاصة.
وفي الحقيقة عمله في هذا المجال يذهب أبعد من حدود إمبراطوريته الخاصة. فقد دعمت مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية عدداُ كبيراً من المنظمات التي تعمل على تدريب وتأهيل المرأة السعودية ومساعدتها في العثور على عمل في مختلف المجالات. وقد دعمت الأسواق الخيرية التي تهتم بالفتيات في المملكة العربية السعودية، وشاركت في عدد من البرامج البيئية والرعاية الصحية، بما في ذلك الاستشارة الطبية قبل الزواج والحملات الوطنية لمكافحة سرطان الثدي وهشاشة العظام، وحتى أنها أنشأت أول منظمة نسائية على الإطلاق في مجال البيئة، والمعروفة باسم جمعية النبات.
"المعركة ليست فقط في العالم العربي. يمكنك أن تقرأ العديد من المقالات حول الإساءة لمكانة النساء في الغرب أيضاً، والواضح أن المشكلة أكثر ظهوراً في منطقتنا. ولكن لا علاقة لذلك بالإسلام، لأنك إذا اطلعت على الإسلام الحقيقي في عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والناس الذين جاءوا من بعده، فإنك ستجد أن النساء يُعاملن مثل الرجال. لقد تخلفنا في العقود الثلاثة الماضية حيث تم معاملة النساء كمواطنات من الدرجة الثانية".
إذاً هل يمكن الانتصار في هذه المعركة حقاً؟ يقول الأمير: "إذا قارنا الوضع الحالي بما كان عليه منذ 20 عاماً فستلاحظ تحسناً كبيراً. ويظهر ذلك في تسلم سيدات عربيات لمناصب وزارية في أجزاء كثيرة من العالم العربي. ففي السعودية، وللمرة الأولى، تم تعيين سيدة في منصب نائب وزير التربية والتعليم، لذلك فإنه توجد بعض الخطوات التي يجري اتخاذها".
كما يقول مضيفاً: "أنا بطبيعتي أكثر اندفاعاً، وأفهم وأقدر خطوات الملك عبد الله بن عبدالعزيز إذ يحاول الملك أن يعبر عن نبض الناس، فالسرعة تسير في الحد الأقصى الممكن لها، وأنا اتفق مع ذلك. وقد قابلت من قبل Diane Sawyer على قناة ABC في أمريكا وسألتني عن قضايا المرأة، فقلت لها: مع كل الاحترام للولايات المتحدة، فإنه لم يسمح للسيدات بالتصويت هناك حتى عام 1922. وحتى الستينات لم يكن يسمح للسود بالذهاب إلى الأماكن التي يرتادها البيض. لذلك دعونا نتذكر ذلك أيضاً".
"إن القيام بأعمال الخير واجب بالنسبة لي. فالإسلام حض على خمس فرائض، واحد منها هو الزكاة. إذا كنت في أوروبا ولا تدفع الضرائب فستذهب إلى السجن. وفي الإسلام تُعاقب أيضاً. فالزكاة مثل الصلاة أو الصوم بالضبط. فالإسلام لا يشجع بل يأمر بشكل أقوى من نظام الضرائب في الولايات المتحدة. إن الإسلام دين رائع بشكلٍ لا يُصدق، ولكن للأسف يتم استغلاله من عدد قليل من الناس".
وبعد أن بلغ سموه الآن من العمر 55 عاماً، ما يزال يقضي قدراً متزايداً من الوقت في أعماله الخيرية، وقد وجه كبار المسئولين التنفيذيين لإدارة كل من إمبراطورية أعماله ومؤسسته الخيرية، في حين أنه يتخذ أسلوب إدارة بيل غيتس في الاثنتين على حد سواء. ومن الواضح أن المؤسسة الخيرية من بين كل أعماله يعطيها أهتماماً خاصاً. يقول الأمير شارحاً: "أود بأن يُذكر اسمي بأنه رجل أحدث فرقاً وعمل على تحسين حياة أكبر عدد من الناس قدر الإمكان. يمكنك بناء المباني العالية والمدارس والمستشفيات، ولكن في نهاية المطاف ما يهم هو كيف تم تغيير نوعية حياة الناس؟ "
ما يزال الأمير واضعاً إصبعه على نبض الاقتصاد أكثر من الكثير من كبار رجال الأعمال. لقد زادت أرباحه بفضل الزيادة في إيرادات الشركات، في حين أنه ازداد اهتماماً بوسائل الإعلام أيضاً كما أنه رفع حصته في News Corp التابعة لروبرت مردوخ إلى ما نسبته 7 %، ويخطط أيضاً لإطلاق قناة أخبار خاصة في الشرق الأوسط.
وهذا لا يعني أنه يعتقد أن الأزمة المالية قد خفت . لكنه يرى في هذا الركود فرصة كبيرة للمستثمرين وله أيضاً.
يشرح قائلاً: "إن الركود قد انتهى تقنياً، لكنه في واقع الأمر لم ينتي. إن الأقتصاد العالمي خرج من وحدة العناية المركزة، وما يزال يتنفس لكنه في أزمه عميقة. نحن لم ننته من المشكلة، ولكننا لسنا في ورطة عميقة. عندما تكون نسبة البطالة في أوروبا 8 %، وفي الولايات المتحدة 9 %، لا تستطيع أن تقول أن الأمور على ما يرام".
لكن، هل هناك خوف من ركود مضاعف يلوح في الأفق؟ يجيب "لا أعتقد أن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيسمح بحدوث ذلك، فهم يضخون الكثير من الأموال، وأعتقد أننا سوف نخرج من هذا الركود".
وكونه يملك حصة كبيرة من أسهم البنوك، فإنه يصر على أنه لا يمكن إلقاء لوم الأزمة على البنوك بشكل كامل. ويقول: "إنها أزمة الرأسمالية التي وُجهت إلى حدودها بعد انهيار الشيوعية والاشتراكية، وأعتقد أن هناك نوعا من الغطرسة في النهج الرأسمالي، فالرأسمالية تمر الآن بأزمة كبيرة . وهذا مؤشر هام".
"هل يشعرون الآن باليقظة؟ يقول: "من الأفضل لهم أن يتنبهوا. فإذا لم ينبههم هذا بعد فلن ينبههم شيء آخر".
وماذا يحمل المستقبل لأكثر شخصية عربية مشهورة في العالم؟ يتحدث عن الدخول في مشاريع هامة، في حين ما يزال ينظر عن كثب على وضع الأسواق المالية في العالم بحثاً عن الإنجاز المقبل. لم يتغير روتينه على مدى العقود الثلاثة الماضية كثيراً، ينام من الساعة الخامسة حتى العاشرة صباحاً، ويعمل باستمرار على مدار الساعات التسعة عشر المتبقية من اليوم. وأينما تواجد في أي مكان في العالم فهو يتمكن من إيجاد الوقت بما لا يقل عن ساعة واحدة من أجل ممارسة الرياضة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 5 ساعات عندما يكون في عطلة. وهو يمضي 3 ساعات في القراءة يومياً، وساعتين في مشاهدة القنوات الإخبارية المختلفة. حتى أنه في الآونة الأخيرة توقف عن قيادة سيارته حتى يتمكن من القراءه والاستفادة من ساعة إضافية في اليوم.
"هناك شيء واحد مؤكد: لا يوجد خطر من التباطؤ أو التقاعد عند الأمير الوليد بن طلال. لا شيء من هذا على الإطلاق. "ليس هناك حد للنجاح. النجاح هو الإنجاز. طور أعمالك وخصص بعض مواردك الخاصة لتحسين حياة الناس. إنها دورة. وليست هناك قمة. فإنه لحظة وصولك إلى القمة تبدأ بالهبوط إلى أسفل. فإذا وصلت إلى القمة، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ عليك أن تبدأ رحلة الهبوط . وأنا لا أخطط أبداً (إن شاء الله) لأي هبوط ".
العالم وفقاً لصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال
سر نجاحه: «استطعت التعلم من أخطائي وهفواتي. عندما يسألني الناس ما هو سبب نجاحي والحمد لله، أقول لهم ثلاثة أسباب: الجينات المناسبة والمكان المناسب والوقت المناسب. وإذا نقصت إحداها فلا يمكن النجاح. الجينات المناسبة والحمد لله،. المكان المناسب هو المملكة العربية السعودية، فلو كنت في بلد فقير لما نجحت. والوقت المناسب، لو بدأت العمل في عام 1932 لما نجحت».
دور زوجته: «قلت لها تخرجي من الجامعة وافعلي ما ترغبين القيام به. سواء في الأعمال التجارية أو العمل الخيري أو كربة منزل، فلتفعل ما تريد القيام به. لا أستطيع أن أعطي لها الحق في تمكين نفسها، ثم أملي عليها ما تريد القيام به».
القيادة: «يتوجب على القائد أن يكون ذكياً ويجب عليه أن يعرف إلى أين يتجه ويجب أن يكون لديه إدارة وحسن أداء. عليك أن تعرف توجهاتك وأهدافك. لا يمكنك القول بأن لا شيء يمشي معك! قد لا يمكنك الوصول إلى حلمك، ولكن يجب أن يكون لديك هدفاً. بصراحة، لا أعتقد أن القيادة يمكن تدريسها، بعض الناس يولدون ليكونوا قادة ويولد بعض الناس لا ليكونوا قادة.».
العمل لديه: «إنه من السهل جداً العمل بالنسبة لي إذا كنت تعرفني جيداً. يجب أن تتحلى للعمل معي بأخلاقيات العمل العالية، وعليك أن تكون محترفاً، وأن تكون منضبطاً ومنظماً وتعرف ما تريد القيام به. وأنا أتقبل الأخطاء بلا مشكلة، ولكن لن أقبل حدوث نفس الأخطاء مرة أخرى. وينبغي للمرء أن يساوي في إنتاجية 30 شخصاً. إذا كنت ترغب في العمل لي فهو أمر ليس بسهل. إن ذلك كناد خاص فلا يجب أن تدخله إذا لم تكن على مستوى عال. وبالنسبة لي يمكن أن يستغرق الأمر سنة كاملة لتوظيف شخص».
النفوذ: «ليس هناك شك في أن النجاح والمال يولدان النفوذ. والسؤال هو كيف يمكنك الاستفادة من ذلك، وكيف تتجنب إساءة استعمال النفوذ؟ النفوذ هو لتقديم العون والمساعدة وإنشاء جسر لمساعدة الفقراء. وأنا أحاول أن استخدام النفوذ وعدم استغلاله»
الصعود إلى القمة: «أعتقد أن الشخص الذي درس وتخرج وبدأ العمل في أي مجال يجب أن يكون له هدفاً. بعدما تخرجت في الولايات المتحدة، بدأت بمكتب صغير تبلغ مساحته 100 متر مربع، ولم يكن لدي سوى ثلاثة موظفين. كنت أعرف أنه علي أن أبدأ في مكان ما. لقد بدأت بمبلغ 30 ألف دولار وأفلست بعد 6 أشهر. ثم عدت إلى والدي وأعطاني 300 ألف دولار وأفلست بعد سنتين . ثم في المرة الثالثة ذهبت إليه لكنه قال: انتهى الأمر أيها الأمير. لذلك قمت برهن منزلي لدى البنك ومن ثم بعد ذلك وفقني الله وأقلعت بعد محاولتين غير ناجحتين والحمد لله».