قــصــة أســمــاء الــصــغــيــرة ....!!!!!!!
تعودت كل ليلة أن أمشي قليلا ، فأخرج لمدة نصف ساعة ثم أعود..وفي خط سيري يوميآ كنت أشاهد طفلة لم تتعدى السابعة من العمر.. كانت تلاحق فراشآ أجتمع حول أحدى أنوار الإضاءة المعلقة في سور أحد المنازل ... لفت إنتباهي شكلها وملابسها .. فكانت تلبس فستانآ ممزقا ولا تلبس حذاءاً .. وكان شعرها طويلآ وعيناها خضراوان .. كانت في البداية لا تلاحظ مروري .. ولكن مع مرور الآيام .. أصبحت تنظر إلي ثم تبتسم ..
في أحد الآيام أستوقفتها وسألتها عن أسمها فقالت أسماء .. فسألتها أين منزلكم .. فأشارت إلى غرفة خشبية بجانب سور أحد المنازل .. وقالت هذا هو عالمنا ، أعيش فيه مع أمي وأخي بدر.. وسألتها عن أبيها .. فقالت أبي كان يعمل سائقا في إحدى الشركات الكبيرة .. ثم توفي في حادث مروري .. ثم أنطلقت تجري عندما شاهدت أخيها بدر يخرج راكضآ إلى الشارع .. فمضيت في حال سبيلي .. ويومآ مع يوم .. كنت كلما مررت أستوقفها لإجاذبها أطراف الحديث .. سألتها : ماذا تتمنين ؟ قالت كل صباح أخرج إلى نهاية الشارع .. لأشاهد دخول الطالبات إلى المدرسه .. أشاهدهم يدخلون إلى هذا العالم الصغير .. مع باب صغير.. ويرتدون زيآ موحدآ ... ولا أعلم ماذا يفعلون خلف هذا السور .. أمنيتي أن أصحو كل صباح .. لألبس زيهم .. وأذهب وأدخل مع هذا الباب لاعيش معهم وأتعلم القراءة والكتابة .. لا أعلم ماذا جذبني في هذه الطفلة الصغيرة .. قد يكون تماسكها رغم ظروفها الصعبه .. وقد تكون عينيها .. لا أعلم حتى الآن السبب .. كنت كلما مررت مع هذا الشارع .. أحضر لها شيئآ معي .. حذاء .. ملابس .. ألعاب .. أكل .. وقالت لي في إحدى المرات .. بأن خادمة تعمل في أحد البيوت القريبة منهم قد علمتهاالخياطة والتطريز .. وطلبت مني أن أحضر لها قماشآ وأدوات خياطه .. فاحضرت لها ما طلبت .. وطلبت مني في أحد الآيام طلبآ غريبآ .. قالت لي : أريدك أن تعلمني كيف أكتب كلمة أحبك.. ؟
مباشرة جلست أنا وهي على الأرض .. وبدأت أخط لها على الرمل كلمة أحبك .. على ضوء عمود إنارة في الشارع .. كانت تراقبني وتبتسم .. وهكذا كل ليلة كنت أكتب لها كلمة أحبك .. حتى أجادت كتابتها بشكل رائع .. وفي ليلة غاب قمرها ... حضرت إليها .. وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث .. قالت لي أغمض عينيك .. ولا أعلم لماذا أصرت على ذلك .. فأغمضت عيني .. وفوجئت بها تقبلني ثم تجري راكضه .. وتختفي داخل الغرفة الخشبيه .. وفي الغد حصل لي ظرف طاريء أستوجب سفري خارج المدينة لأسبوعين متواصلين .. لم أستطع أن أودعها .. فرحلت وكنت أعلم أنها تنتظرني كل ليله .. وعند عودتي .. لم أشتاق لشيء في مدينتي .. أكثر من شوقي لإسماء .. في تلك الليلة خرجت مسرعآ وقبل الموعد وصلت المكان وكان عمود الإنارة الذي نجلس تحته لا يضيء.. كان الشارع هادئا .. أحسست بشيء غريب .. أنتظرت كثيرآ فلم تحضر .. فعدت أدراجي .. وهكذا لمدة خمسة أيام .. كنت أحضر كل ليلة فلا أجدها .. عندها صممت على زيارة أمها لسؤالها عنها .. فقد تكون مريضه .. أستجمعت قواي وذهبت للغرفة الخشبية .. طرقت الباب على إستحياء.. فخرج بدر .. ثم خرجت أمه من بعده .. وقالت عندما شاهدتني .. يا إلهي .. لقد حضرت .. وقد وصفتك كما أنت تمامآ .. ثم أجهشت الأم في البكاء .. علمت حينها أن شيئا قد حصل .. ولكني لا أعلم ما هو؟؟؟؟
عندما هدأت الأم سألتها ماذا حصل؟؟ أجيبيني أرجوك .. قالت لي : لقد ماتت أسماء .. وقبل وفاتها .. قالت لي سيحضر أحدهم للسؤال عني فأعطيه هذا وعندما سألتها من يكون ..قالت أعلم أنه سيأتي .. سيأتي لا محالة ليسأل عني؟؟ أعطيه هذه القطعه .. فسألت أمها ماذا حصل؟؟ فقالت لي توفيت أسماء .. في أحدى الليالي أحست أبنتي بحرارة وأعياء شديدين .. فخرجت بها إلى أحد المستوصفات الخاصة القريبه .. فطلبوا مني مبلغآ ماليآ كبيرآ مقابل الكشف والعلاج لا أملكه .. فتركتهم وذهبت إلى أحد المستشفيات العامة .. وكانت حالتها تزداد سوءا..فرفضوا إدخالها بحجة عدم وجود ملف لها بالمستشفى .. فعدت إلى المنزل .. لكي أضع لها الكمادات .. ولكنها كانت تحتضر .. بين يدي .. ثم أجهشت في بكاء مرير .. لقد ماتت .. ماتت أسماء ..
لا أعلم لماذا خانتني دموعي .. نعم لقد خانتني .. لأني لم أستطع البكاء .. لم أستطع التعبير بدموعي عن حالتي حينها .. لا أعلم كيف أصف شعوري .. لا أستطيع وصفه لا أستطيع .. خرجت مسرعآ ولا أعلم لماذا لم أعد الى مسكني ... بل أخذت أذرع الشارع .. فجأة تذكرت الشيء الذي أعطتني أياه أم أسماء ..
فتحته ... فوجدت قطعة قماش صغيرة مربعه .. وقد نقش عليها بشكل رائع كلمة أحبك .. وأمتزجت بقطرات دم متخثره ... يإلهي .. لقد عرفت سر رغبتها في كتابة هذه الكلمه .. وعرفت الآن لماذا كانت تخفي يديها في أخر لقاء .. كانت أصابعها تعاني من وخز الأبره التي كانت تستعملها للخياطة والتطريز .. كانت اصدق كلمة حب في حياتي .. لقد كتبتها بدمها .. بجروحها .. بألمها .. كانت تلك الليلة هي أخر ليلة لي في ذلك الشارع .. فلم أرغب في العودة إليه مرة آخرى.. فهو كما يحمل ذكريات جميله .. يحمل ذكرى ألم وحزن .. يحمل ذكرى أسمـــــــــــاء أحتفظت بقطعة القماش معي .. وكنت أحملها معي في كل مكان أذهب اليه .. وبعدها بشهر .. وأثناء تواجدي في أحدى الدول .. وعند ركوبي لأحد المراكب في البحر الابيض المتوسط .. أخرجت قطعة القماش من جيبي.. وقررت أن أرميها في البحر .. لا أعلم لماذا ؟؟ ولكن لأنها تحمل أقسى ذكرى في حياتي .. وقبل غروب الشمس .. أمتزجت دموعي بدم أسماء بكلمة أحبك .. ورفعت يدي عاليآ .. ورميتها في البحر .. وأخذت أرقبها وهي تختفي عن نظري شيئآ فشيئآ .. ودموعي تسألني لماذا ؟؟ ولكنني كنت لا أملك جوابا ؟؟ أسماء سامحيني .. فلم أعد أحتمل الذكرى ؟؟ أسماء سامحيني .. فقد حملتني أكبر مما أتحمل؟؟ أسماء سامحيني فأنا لا أستحق الكلمات التي نقشتيها .. أسماء سامحيني..
النهــــــــــايــــــــــــــــــــه
رســــــــــالــــــــــــــــــــة
رسالة إلى كل أم .. تصحو صباحا .. لتوقظ أطفالها .. فتغسل وجه أمل .. وتجدل ظفائرها.. وتضع فطيرتين في حقيبتها المدرسيه ؟؟ وتودعها بإبتسامة عريضه ؟؟ ألا تستحق أسماء الحياة؟؟؟
رسالة إلى كل رجل أعمال .. يشتري الحذاء من شرق أسياء بثمن بخس.. ليبيعه هنا بأضعاف أضعاف ثمنه ؟؟
ألا تستحق أسماء الحياة؟؟
رسالة إلى كل صاحب مستشفى خاص.. هل أصبح هدفكم المتاجرة بأرواح الناس؟؟
ألاتستحق أسماء الحياة؟؟
رسالة إلى كل طبيب في مستشفى حكومي عام.. هل تناسيتم هدفكم النبيل في مساعدة الناس للشفاء من الأمراض بعد أذن الله .. ألاتستحق أسماء الحياة..؟؟
رسالة إلى كل من مر بالشارع الذي تقيم فيه أسماء.. ونظر إلى غرفتهم الخشبية وأبتسم ..
ألاتستحق أسماء الحياة؟؟
رسالة إلى كل من دفع الملايين .. لشراء أشياء سخيفه .. كنظارة فنانة .. وغيرها الكثير..
ألاتستحق أسماء الحياة ؟؟
ألاتستحق أسماء الحياة؟؟ رسالة ألى كل من يقرأ هذه القصه ..
ألاتستحق أسماء الحياة ؟؟
رسالة إلى الجميع :أسماء ماتت ؟؟ ولكن هناك آلاف كأسماء.. أعطوهم الفرصة ليعيشوا حياة البشر؟؟