حكم التدخين في الأسلام بالأدلة الشرعية
الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على رسول اللّه وعلى آله وصحبه أما بعد . .
فقد سألني بعض عن حكم شرب الدخان ومن يتجاهر بشربه ، وذكر أن البلوى
قد عمت بهذا الصنف من الناس .
والجواب : قد دلت الأدلة الشرعية على أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعا ، وذلك
لما اشتمل عليه من الخبث والأضرار الكثيرة ، واللّه سبحانه لم يُبِح لعباده من المطاعم والمشارب
إلا ما كان طيبا نافعا ، أما ما كان ضارا لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيرا لعقولهم فإن
اللّه سبحانه قد حرمه عليهم .
وهو عزَّ وجلَّ أرحم بهم من أنفسهم ، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ، فلا
يحرم شيئا عبثا ولا يخلق شيئا باطلا ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة ؛ لأنه سبحانه
أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وهو العالم بما يصلح العباد وينفعهم في العاجل والآجل .
كما قال سبحانه : { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } .
وقال عز وجل : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ومن الدلائل القرآنية على تحريم شرب الدخان قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم
في سورة المائدة : { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } ، وقال في سورة
الأعراف في وصف نبينا محمد عليه الصلاة والسلام : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ }
فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات
وهي : الأطعمة والأشربة النافعة ، أما الأطعمة والأشربة الضارة كالمسكرات
والمخدرات وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل فهي من الخبائث
المحرمة ، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب
الضارة ضررا كبيرا ، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض كالسرطان وموت السكتة
وغير ذلك ، فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه ، فلا ينبغي للعاقل
أن يغتر بكثرة من يشربه .
فقد قال اللّه تعالى في كتابه المبين :
{ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِيُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } ،
وقال عز وجل : { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } .
والله أعلم وأعلم