قمْ إلى رَغَد
العيش حيث أنت، تَسْمُ فوق العلا، انهضْ بذاتِك حتى لا تَنْدَم على كل
ثانية مرَّتْ دون ذكر المولَى، انتَفِض في وجهِ الملذَّات، كُنْ صاحبَ
هِمَّة، وكلمة تنصر فيها رسالة المصطفى، طاب أثرُك يا مَن تَحمِل همَّ
نبيك، يا مَن سِرتَ في دروب العز، ومِن خلفِك الدنيا تناديك وتترجَّى نظرةً
منك فلا تبالي، إنها لحظات وتصل للمرتجى، للمُنَى، لِمَا نحلم به، شربة من
يد العَدْنَان، ومجاورة الصحابة الأخيار، بل رؤية وجه الملك الجبار، وهذا
أسمى ما نتمنى.
يا مهاجرًا في طلب أعلى درجات الجنان، اثبُتْ، كُنْ مثل
جبل أُحُد، وتذكَّر تلك البصمات التي على جنباته المشرقة في قلب التاريخ،
بصمات أولئك الذين نَثَرُوا الأنوار المحمدية في شتى أرجاء المعمورة؛ لتنعم
بطيب الحياة في الدنيا والآخرة.
لا تبالِ من نظرات المستهزئين؛ فأنت
على الجادَّة، يا مَن نفرتَ النفرة الكبرى، ألا وهي الدعوة إلى الله، ليكن
فكرُك في سفرٍ وتجوالٍ، في كل مكان من أرض الله، وليبقَ فكرُهم عند
أقدامهم؛ فهذا تعبير عن انتمائهم، وتلك رواسب الجاهلية في قلوبهم.
سِرْ ولا تُنْصِت لداعي الهَوَى، تكفيك كلمات القرآن وسنةُ خير الأنام، لا تنظر لمن علا؛ فإن الله أعلى وأكبر.
اذبح الأوهام، اقطع حبل الشيطان، قُمْ والناس نيام، اجعل العين تذرفُ دموعًا؛ لعلها تَمْحِي آثار ذكرى تلك الذنوب.
كُنْ
في النهار مثلَ فارسٍ يحمل راية التوحيد التي تعانق شمس الصباح - هي شمس
الحرية - وتبقى خفَّاقة عند جنبات غروب الشمس على قمم الجبال، خالدة إلى
قيام الساعة.
والكلمات لا تنتهي ما دامت الأقلام والأنفاس، لكننا نأخذ منها مثلَ قطفِ بعض الزهور من أجمل بستان.
ام على نبينا، نبي الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم.