قرّر السائق الألماني الشهير ميكايل شوماخر بطل العالم سبع مرات في سباقات فورمولا وان الاعتزال في نهاية الموسم الحالي، كما أعلن في مؤتمر صحافي اليوم الخميس في سوزوكا.
وقال شوماخر: "بدأت أفكر في الأمر منذ عدّة أشهر، ثم سنحت الفرصة أمام مرسيدس للتعاقد مع لويس هاميلتون. لقد ساعدني هذا الأمر في اتخاذ قراري".
وكان شوماخر عاد عن اعتزاله عام 2010 بعد توقّف ثلاث سنوات ووقّع عقداً مع مرسيدس لمدّة ثلاث سنوات.
وقد تسارعت الأحداث مع تعاقد مرسيدس مع هاميلتون الأسبوع الماضي، خصوصاً في ظلّ ترقّب مستقبل شوماخر وسط أنباء تحدّثت عن امكانية انتقاله إلى فريق ساوبر، لكنّ الأخير دحض هذه الشائعات بإعلان اعتزاله نهائياً.
ويتبقى لشوماخر خوض ستّة سباقات حتى نهاية الموسم الحالي.
أبرز انتصاراته خلال مسيرة 21 عاماً
جائزة إيطاليا الكبرى عام 1991: لم تكن بداية شوماخر في سباقات فورمولا وان تقليدية إذ خاض عام 1991 سباقاً واحداً خلف مقود جوردان فورد قبل أن يتلقّى مدير أعماله ويلي ويبر اتّصالاً من مدير فريق بينيتون الإيطالي فلافيو برياتوري طالباً منه مناقشة احتمال تحوّل شوماخر إلى فريقه، وهذا ما حصل إذ وجد الألماني الشاب (22 عاماً حينها) نفسه خلف مقود بينيتون فورد في السباق التالي في جائزة إيطاليا الكبرى على حلبة مونزا التي حصد خلالها أوّل نقطتين في مسيرته باحتلاله المركز الخامس، بعدما انطلق من المركز السابع.
جائزة بلجيكا الكبرى عام 1992: تمكّن شوماخر من تحقيق أوّل فوز له في الفئة الأولى في موسمه الثاني على حلبة سبا فرانكورشان التي شهدت بدايته مع جوردان في العام الذي سبقه.
وأصبح شوماخر حينها أوّل سائق ألماني يحرز المركز الأوّل في جائزة كبرى منذ 17 عاماً، عندما أحرز يوشين ماس المركز الأوّل في سباق برشلونة.
جائزة البرتغال الكبرى عام 1993: لم تأتِ نتائج شوماخر في 1993 على مستوى تطلّعاته وتوقعات المراقبين الذين اعتبروا أن الألماني الشاب سيفرض نفسه على خط المنافسة على اللقب، الا أن شوماخر بدأ على حلبة أستوريل البرتغالية بتحقيق نتيجة سيئة، إذ انطلق من المركز السادس.
ولكن الألماني تمكّن من تحقيق الفوز الثاني في مسيرته بعدما حافظ على صدارته تحت ضغط هائل من الفرنسي آلن بروست، الذي كان يقود سيارة (وليامس رينو).
جائزة البرازيل الكبرى عام 1994: بدأت الأسطورة تأخذ معالمها الحقيقية في موسم 1994 في خضم تألّق الأسطورة الآخر البرازيلي سينا الذي تحوّل من ماكلارين بيجو إلى وليامس رينو بعد ظفره بلقب بطولة العالم 3 مرّات مع الأخيرة التي حصدت بدورها لقب الصانعين في 1992 و1993.
جائزة بلجيكا الكبرى عام 1995: تمكّن شوماخر في موسم 1995 من المحافظة على اللقب الذي حصل عليه عام 1994 رغم تحوّل بينيتون من محرّكات فورد إلى رينو، وكان سباق سبا فرانكورشان في بلجيكا الأكثر حماساً، ابتداءً من التجارب التأهيلية، إذ تعرّض الألماني لحادث خطير خلال التجارب بعد اصطدامه بالحائط بسرعة 150 كلم/ساعة إلا أنه خرج سالماً بفضل الإطارات الموجودة خارج الحلبة.
وتمكّن الألماني خلال السباق وبفضل حنكته من التخلّص من منافسيه الواحد تلو الآخر حتى وصوله إلى الصدارة بعد 16 لفّة فقط.
جائزة إسبانيا الكبرى عام 1996: اتّخذ شوماخر قراراً حاسماً في مسيرته بتحوّله عام 1996 من فريق بينيتون الذي توّج معه باللقب في العامين السابقين إلى فريق فيراري الإيطالي المتقهقر والغائب عن الألقاب منذ عام 1979، في تحدٍّ جديد أمل من خلاله "شومي" أن يعود بـ"الحصان الجامح" إلى خارطة المنافسة الجديّة.
وكان سباق إسبانيا على حلبة كاتالونيا الأفضل لشوماخر خلال ذلك العام، إذ أظهر فيه أنه من طينة الأبطال، باحتلاله المركز الثالث على خط الانطلاق خلف ثنائي وليامس هيل والكندي جاك فيلنوف، إلا أن الألماني وبسيارة متواضعة مقارنة مع منافساتها تمكّن من تحقيق "سباق العمر" والفوز بالمركز الأوّل.
جائزة اليابان الكبرى عام 1997: شهدت حلبة سوزوكا أوامر إداريي فيراري لشوماخر عندما كان يتصدّر زميله حينها الإيرلندي إيدي إيرفاين السباق، فتخلّى الأخير عن مركزه بأمر من الفريق لمصلحة الألماني الذي حقّق حينها فوزه السابع والعشرين وأجّل تتويج الكندي جاك فيلنوف باللقب حتى المرحلة الأخيرة.
جائزة المجر الكبرى عام 1998: كانت بداية الألماني سيّئة في ملبورن إذ تعرّض محركه لعطل ما اضطر "شومي" إلى الانسحاب في اللفة الخامسة ثم حلّ ثالثاً في سباق البرازيل قبل أن يتوّج بلقب سباق الأرجنتين، ثم كرّر النتيجة نفسها في 3 سباقات على التوالي في كندا وفرنسا وبريطانيا، ورغم ذلك وجد نفسه متأخّراً بفارق 16 نقطة عن سائق ماكلارين الفنلندي ميكا هاكينن قبل خوضه غمار سباق المجر في المرحلة الثانية عشرة من البطولة، أي قبل 5 سباقات على انتهاء الموسم.
ودخل شوماخر إلى هذا السباق واضعاً أمامه هدف الفوز لا غير لكي يحافظ على آماله في الفوز باللقب، إلا أنّ بدايته نحو الفوز بهذا السباق وتقليص الفارق لم تكن مثالية، إذ وجد نفسه على خط الانطلاق في المركز الثالث خلف منافسيه في ماكلارين هاكينن والاسكتلندي ديفيد كولتهارد.
ومع انطلاق السباق بقيت الصدارة على حالها في المنعطف الأوّل وحافظ ثنائي ماكلارين على موقعهما حتى بعد دخولهما حظيرة الفريق للتزوّد بالوقود وتبديل الإطارات، إلا أنّ فيراري تملك في فريقها مديراً تقنياً فذاً انتقل من بينيتون هو روس براون، الذي عدّل باستراتيجية توقّف شوماخر من توقفين إلى ثلاثة، ما يعني أنّ الألماني سيحقّق لفات سريعة بسيارة خفيفة.
ومع دخول ثنائي ماكلارين إلى الحظيرة للمرّة الثانية طلب براون من شوماخر أن يبذل ما بوسعه لتعويض 25 ثانية (الوقت الذي يحتاجه التوقف في الحظيرة) خلال 19 لفة.
وتحقّق لبراون وشوماخر مبتغاهما وتمكّنا من قيادة فيراري إلى المركز الأوّل وسط ذهول مدير ماكلارين رون دينيس، الذي علّق حينها على ما حقّقه شوماخر: "إذا ارتكبت خطأً صغيراً أمام شوماخر سيكون لك بالمرصاد، إنه لا يرحم".
جائزة ماليزيا الكبرى عام 1999: كان عام 1999 كارثياً بالنسبة لشوماخر، إذ تعرّض لحادث خطير في المرحلة الثامنة من البطولة على حلبة سيلفرستون البريطانية أطاحت بآماله في الظفر بلقبه الأوّل مع فيراري بعد أن كان مرشّحاً بقوّة لتحقيق ذلك، فاضطر للغياب عن 6 سباقات بالإضافة إلى سباق بريطانيا بسبب كسر في ساقه، ما حرمه من اللقب بعدما بدأ الموسم بفوزين في سان مارينو وموناكو، لكنه ساهم بعودة فيراري إلى ساحة الألقاب بحصولها على لقب الصانعين بفضل أداء مميّز من السائق الثاني ايرفاين الذي تنافس مع هاكينن حتى المرحلتين الأخيرتين من البطولة واللتين شهدتا مشاركة شوماخر، الذي أجّل تتويج هاكينن باللقب بمساعدة ايرفاين على الفوز بسباق ماليزيا بـ"حماية ظهره" من الفنلندي الذي حلّ ثالثاً في ذلك السباق خلف شوماخر وايرفاين.
جائزة إيطاليا الكبرى عام 2000: كانت اللحظات الأجمل بالنسبة لشوماخر وفيراري خلال عام 2000 حين توّج الألماني بلقبه الأوّل مع "الحصان الجامح" عبر الفوز بسباق إيطاليا على حلبة مونزا التي منحت الفريق الإيطالي على أرضه وبين جماهيره فرصة حقيقية للفوز باللقب بعد أن تمكّن هاكينن من تضييق الخناق على شوماخر في السباقات الماضية بسبب انسحاب الألماني من أربعة منها.
وكانت البداية مميّزة بين "التيفوزي" إذ تمكّن الثنائي شوماخر وزميله الجديد البرازيلي روبنز باريكيللو من وضع "الحصان الجامح" في المركزين الأوّل والثاني على خط الانطلاق.
وجاء تصريح رئيس فيراري لوكا دي مونتيزيميلو ليؤكّد أهمية وجود فيراري في مقدمة خط الانطلاق أمام جماهيرها الغفيرة: "إنه يوم كبير بالنسبة لفريقنا. كنت آمل أن يكون اليوم هو الأحد (يوم السباق) لنحتفل جميعاً".
وكان لمونتيزيميلو ما أراده يوم الأحد إذ فرض شوماخر سيطرته المطلقة على الحلبة الإيطالية ولم يمنح منافسه هاكينن أي فرصة فاكتفى بالمركز الثاني.
وعلّق الجنوب أفريقي جودي شيكتر، آخر من حمل لقب السائقين مع فيراري عام 1979، على أداء شوماخر خلال ذلك السباق: "ميكايل سيكون بطل العالم، لا يوجد لديّ أدنى شكّ حول ذلك بعد الأداء الذي رأيته اليوم".
جائزة اليابان الكبرى عام 2001: أظهرت فيراري "اف 2001" تفوّقها على جميع منافساتها اعتباراً من السباق الأول في أستراليا ثم في السباق الذي تلاه في ماليزيا، ثم في إسبانيا وموناكو ونوربرغرينغ وفرنسا والمجر وبلجيكا (المرحلة الثالثة عشرة) الذي شهد تتويج شوماخر باللقب قبل 4 مراحل على انتهاء البطولة.
وجاءت أحداث 11 أيلول/سبتمبر التي حصلت في الولايات المتّحدة لتلقي بظلالها على أداء شوماخر الذي سمع الخبر عندما كان في مطار فرانكفورت في طريقه إلى إيطاليا لخوض سباق مونزا بعد 5 أيام، فأصيب الألماني بصدمة كبيرة دفعت إداريي فيراري إلى السماح له بعدم المشاركة في سباق مونزا، إلا أنّ الألماني رفض ذلك لأنّ "التيفوزي" الإيطاليين حضروا بكثرة لمشاهدة بطلهم، لكن الأخير خيّب آمالهم ولم يتمكّن حتى من الصعود إلى منصّة التتويج كما رفض التحدّث إلى رجال الصحافة طيلة نهاية ذلك الأسبوع.
وتكرّر الأمر في السباق التالي في الولايات المتّحدة بالذات على حلبة إنديانا بوليس، لكن هذه المرّة ليس بسبب الصدمة بل لأنّ الألماني اختار الإطارات غير المناسبة في ذلك السباق ما دفعه للاكتفاء بالمركز الثاني خلف هاكينن.
ثم استعاد "شومي" زمام المبادرة في المرحلة الأخيرة في اليابان عندما احتلّ المركز الأوّل على خط الانطلاق ثم حافظ على مركزه حتى نهاية السباق ليحقّق فوزه التاسع خلال ذلك الموسم كما كانت الحال في 2000.
جائزة فرنسا الكبرى عام 2002: كان عام 2002 "أحمر" بكلّ ما للكلمة من معنى إذ سيطرت فيراري على البطولة بشكل مطلق فحصدت لقب 15 سباقاً منها 11 لشوماخر الذي توّج بلقبه الخامس خلال سباق فرنسا على حلبة مانيي كور قبل 6 مراحل على انتهاء البطولة التي كان خلالها المركز الثاني من نصيب باريكيللو.
وتمكّن شوماخر الذي بدأ الموسم بسيارة عام 2001، بفوزه بلقبه الخامس من معادلة الرقم القياسي من حيث عدد الألقاب والمسجل باسم الأرجنتيني خوان مانويل فانجيو الفائز باللقب أعوام 1951 و1954 و1955 و1956 و1957.
كما حطّم الرقم القياسي من حيث عدد الانتصارات خلال موسم واحد والمسجّل باسمه مشاركة مع مانسيل (9) لينهي البطولة برصيد 144 نقطة بعد احتلاله المركز الثاني 5 مرات أيضاً والثالث مرة واحدة، متقدّماً على باريكيللو صاحب 77 نقطة، ليكون الفارق بين الأوّل والثاني الأكبر في تاريخ البطولة.
جائزة إيطاليا الكبرى عام 2003: اعتقد الجميع أنّ شوماخر سيواصل سيطرته المطلقة على البطولة في 2003 كما فعل في الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أنّ ماكلارين مرسيدس وسائقها الفنلندي كيمي رايكونن إلى جانب زميله الاسكتلندي ديفيد كولتهارد كان لهم كلمة أخرى.
فلم يتمكّن شوماخر من حسم لقبه السادس إلا في المرحلة الأخيرة وليس بفوزه في تلك المرحلة على حلبة سوزوكا اليابانية، بل بحلول رايكونن في المركز الثاني خلف باريكيللو، ليظفر "شومي" باللقب برصيد 93 نقطة متقدماً بفارق نقطتين فقط على رايكونن.
ولم تبق المنافسة ثنائية بين رايكونن وشوماخر لفترة طويلة، إذ دخل سائق وليامس الكولومبي خوان بابلو مونتويا على الخط بعد فوزه في سباقين واحتلاله المركز الثاني في 3 سباقات، ليصبح الصراع ثلاثياً.
ودخل السائقون الثلاثة إلى سباق إيطاليا على حلبة مونزا ويفصل بين الواحد والآخر نقطة واحدة، إذ كان شوماخر في الصدارة قبل 3 مراحل على انتهاء البطولة برصيد 72 نقطة بفارق نقطة واحدة عن مونتويا ونقطتين عن رايكونن، فيما كانت صدارة الصانعين لمصلحة وليامس التي تقدّمت على فيراري بعد انسحاب باريكيللو من سباق المجر، الذي اكتفى فيه شوماخر بنقطة واحدة.
وتمكّن شوماخر من حسم المواجهة على أرض فيراري وبين جماهيرها باحتلاله المركز الأوّل، إلا أنه لم يستطع الابتعاد كثيراً عن مونتويا الذي حلّ ثانياً، فيما كان المركز الرابع من رصيد رايكونن.
جائزة فرنسا الكبرى عام 2004: سيطر شوماخر على مجريات البطولة في موسم 2004 بشكل قلّ نظيره في تاريخ رياضة الفئة الأولى إذ ظفر الألماني بالمركز الأوّل في 13 سباقاً من أصل 18، مُحطماً الرقم القياسي المسجّل باسمه، فيما كان المركز الثاني من نصيب زميله باريكيللو الذي فاز بسباقين.
وكان السباق الأبرز في 2004 على حلبة مانيي كور الفرنسية بحيث اعتمد المدير التقني في الفريق الإيطالي روس براون استراتيجية التوقّف 4 مرّات مع شوماخر لكي يتمكّن من تجاوز أفضلية سائق رينو الإسباني فرناندو ألونسو، الذي انطلق من المركز الأوّل، فوجد شوماخر نفسه قبل 12 لفة على نهاية السباق متقدّماً بفارق 22.2 ثانية، ما سمح للألماني الذي كان توقّف ثلاث مرّات، بالدخول إلى حظيرة فريقه بتوقف سريع للغاية (5.8 ثوان فقط) ليخرج بعد ذلك أمام ألونسو.
جائزة الولايات المتّحدة الأميركية عام 2005: كان تفوّق رينو (ار 25) وماكلارين مرسيدس (ام بي 4-20) واضحاً عام 2005، مقابل تقهقر فيراري (اف 2005) وشوماخر الذي قدّم أداءً مخيباً وكان فوزه الوحيد على حلبة إنديانابوليس الأميركية وبصورة باهتة بعد انسحاب جميع الفرق المزودة بإطارات ميشلان تخوّفاً على سلامة السائقين.
وجاء هذا الانسحاب بعد طلب الشركة الفرنسية من منظمي السباق، تخوفاً على سلامة السائقين، التدخل لتخفيف السرعة على أحد المنعطفات، بعدما أظهرت التجارب التأهيلية أن نقاط ضعف في الإطار الأيمن الخلفي قد تؤدي إلى انفجاره مما يهدد سلامة جميع السائقين، وقوبل هذا الطلب بالرفض.
وأعلنت بعدها الفرق المزودة بميشلان وهي سبعة فرق الانسحاب، لتقتصر المنافسة على ست سيارات فقط (3 فرق) بينها فيراري.
جائزة سان مارينو الكبرى عام 2006: أضاف شوماخر في 2006 انجازاً جديداً في مسيرته الرائعة بتحطيمه رقم البرازيلي الراحل ايرتون سينا بانطلاقه من المركز الأوّل للمرّة 66 خلال جائزة سان مارينو، التي شهدت منافسة شرسة بينه وبين ألونسو حتى الأمتار الأخيرة، إلا أنّ "شومي" فرض كلمته وأحرز المركز الأوّل لأوّل مرّة منذ سباق إنديانابوليس عام 2005، ليعلن بالتالي عودته إلى خط المنافسة على لقب 2006.